مباراة كرة قدم :






كان عمري لا يتجاوز 6 ربيعا آنذاك ..
ككل أطفال الحي كنت أعشق كرة القدم ، حتى و إن كنت لا أجيدها إلا أنه كانت تنتابي فرحة كبيرة و أنا أركل تلك الكرة المكونة من جوارب و ثياب بالية ..
و ككل يوم أحد ، كان أخي الكبير يصطحبني معه لمشاهدة مباريات كرة القدم ،
يرفعني فوق كتفيه و نتجه صوب الملعب ، و دائما ما كانت تلفت انتباهي عبارتين مكتوبتبتين على الحائط القديم المتلاشي للملعب :
شجِّع فريقك ............واحترم ضيفك .
أعطى حكم اللقاء صافرة المقابلة و بدأت المباراة ، اليوم فريقنا المتواضع المتواجد في آخر الترتيب يواجه فريقا تفصله عنا بضع نقاط فقط ..
الملعب مكتظ عن آخره ، كل الجماهير واقفة ، لا لأن المباراة كانت حاسمة لكن و بكل بساطة ملعبنا المتواضع لم يكن يتوفر على مدرجات ،
أما اللاعبون فكان حظهم أسوأ من الجمهور .... فالأرضية التي يلعبون عليها كانت تصلح لكل شيء إلا لمباراة كرة القدم ..
لا يهم ، لنعد إلى المقابلة من جديد :
بقيت 5 دقائق على نهاية المباراة ، و فريقنا المسكين يخسر ب 3 أهداف لصفر ، ...وهجمة أخرى قد تكون الهدف الرابع ..
كلا تم ارتكاب خطأ في حق أحد لاعبي فريق الخصم ، كانت إصابة هذا الأخير على مستوى ساقه اليمنى ، أوقف الحكم المباراة نظرا لخطورة إصابة اللاعب ،
فجأة أسمع أخي الكبير يقول لأحد أصدقائه : '' السلامة يا ربي ...رجلو تهرسات ''
فعلا تعرض اللاعب لكسر على مستوى الساق ، و الفظيع في الأمر أن ملعبنا لا يتوفر و لو على مدرجات فكيف لسيارة إسعاف تنقل اللاعب المصاب !!!
و بسرعة كبيرة اقتحم بعض الأشخاص الملعب ، لا للاحتجاج على الخطأ ، لكن لتقديم المساعدة ، تطوع أحدهم لنقل اللاعب المصاب في سيارته الخاصة ..
نعم يا سادة ، قامو بفتح أبواب الملعب ، و أدخلو السيارة و نقلوه إلى المستشفى ..
إنتهت المباراة ووجوه الجماهير مكتئبة لا لأننا خسرنا المباراة ، لكن صورة اللاعب المنكسرة قدمه لم تفارق أذهاننا بعد ..
....................................................................................................................
هكذا كانت كرة القدم آنذاك : رياضة ، تسامح ، تعاون ، تضامن .....إلخ .
فليتنا نتضامن و نتسامح و نتعاون مع بعضنا اليوم ، كما كنا نفعل سابقا ...ففي الأخير تبقى مجرد لعبة لا ساحة حرب و اقتتال.